ـ والخطوة الثانية التي يجب علينا إنجازها
فتمثل قفزة نوعية من التفكير المقيد الذي يجد مرجعيته خارج منطقه الداخلي إلى الفكر
المنطلق، ومن التصلب الذهني وقطيعة الفطرة وأحاديتها وعسف التعميمات وتسرعها
إلى الفكر المرن المفتوح على تعدد الاحتمالات وتمازجها وتلاقيها وتتاقضها وذلك
هو لب التفكير الإبداعي (كما قال الدكتور مصطفى حجازي في المؤتمر
التربوي السنوي السابع 1991م ـ دولة البحرين).
ـ وقد أدى الاستعمار العسكري
والاستعمار التربوي والاستعمار الفكري بالسياسة الدنلوبية التي وضعها المعتمد
البريطاني دنلوب إلى نتيجة حتمية هي البعد عن الإبداع، وإدخال المسلمين
والعرب إلى نفق التخلف العقلي العلمي بما يحتويه من المتون والمصمومات والمكرورات، والتقويم التربوي المكرور والتصحيح المركزي القاتل للإبداع والمعضد
للإجابة النموذجية التي من حاد عنها ولو نحو التطوير والتحديث فلا درجات له
في هذا النظام التصحيحي العقيم.
5 ـ توسيد الأمر لأهله:
بحيث يوجد الفرد المناسب في المكان المناسب فيكون الوزير والمدير والموظف
والقائد والرئيس والمشرف في كل أعمالنا من أهل الاختصاص والذكر وبذلك تنصلح
أعمالنا وتتخلص من جيوش الجهلاء في المصالح الحكومية ومراكز البحوث
والقيادات، وتختفي المحسوبية، والعصبية، والمذهبية المقيتة من أماكن العمل، ويصبح
المعيار هو العلم والعمل، وقد حذرنا المصطفى r من توسيد الأمر لغير أهله وجعل
ذلك من علامات الساعة وزوال الدنيا، كما حذرنا من اتخاذ الرؤوس
الجُهَّال لأن ذلك يؤدي إلى الضلال وأمرنا الله بسؤال أهل الذكر، وهم أهل العلم قال
تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وقد أبي رسول الله r أن يؤمر أبي ذر ونصحه بالبعد عن ذلك لعدم صلاحيته
للإمارة لا طعناً في دينه ولكن لعدم صلاحيته لهذا الأمر.
6 ـ الهروب من المقت الكبير:
ـ والمقت الكبير هو القول بلا عمل مِصداقاً لقول الله تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون. كَبُرَ مقتاَ عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )[الصف: 3].
ـ فنحن الآن أمة الكلام، والوعود،
والخطب الكلامية ولسنا أمة العمل والتطبيق فتحولنا من أمة علمية عملية إلى أمة
صوتية صراخية، مصلحونا يبيعون لنا الكلام، والمربيين عندنا صناعتهم الكلام،
والعلماء عندنا هم أهل الكلام وهذا ممقوت عند الله.
7 ـ تفعيل دور المراكز العلمية والبحثية:
ـ فعندنا مراكز البحوث والمختبرات ا
لجامعية والباحثون، ولكن كلها مؤسسات غير فاعلة مهمتها الحصول
على الدرجات العلمية والترقية والمظهرية.
أما الالتحام بشركات الإنتاج، والمجتمع فلا وجود له، ولا علاقة في الغالب
بين البحوث ومشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والعسكرية والطبية، حتى أصبح
البحث العلمي من الهدر الاقتصادي على الميزانية العامة ومن الفاقد الاقتصادي لذلك
وجب تفعيل دور تلك المراكز والتحامها بالمشكلات العلمية في المجتمع.
8 ـ العمل بروح الجماعة:
ـ فالإسلام دين الجماعة، ويد الله مع الجماعة، (إياك نعبد وإياك نستعين) بروح الجماعة
(نعبد ونستعين) وعندما نعمل بروح الجماعة تتكاتف الجهود ويسود
الحب والتعاون، وتغيب الأنانية والفردية والحقد والمكائد التي عمت الأفراد
والطوائف والجماعات والشعوب والدول الإسلامية، فالكل يعمل لنفسه وفي
جزيرته المحلية فقط.
والعمل الجماعي يؤدي إلى التكامل الاقتصادي والتكامل السياسي.
9 ـ تعلٌّ علُو الهمة:
قال الأستاذ محمد المقدم في بحثه القيم هم علو الهمة:
ـ الهَمُّ: ما هُمَّ به من أمر لُيُفْعَل.
ـ والهمة: هي الباعث على الفعل، وتوصف بعلو أو سفول.
ـ وقيل: علو الهمة: هو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور.
ـ وقيل: خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم والعمل.
ـ وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يقول
في بعض الآثار الإلهية قوله تعالى: (إني لا أنظر إلى كلام الحكيم وإنما أنظر إلى همته) ونحن نحتاج إلى
تعلم علو الهمة ورفعها إبعاداً للعجلة والرضا بالشكليات والبعد عن الجوهر،
والبحث عن الأسهل والبعد عن الصبر والمصابره والمكايده.
فمن لم يكايد صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
وعلو الهمة: يقض على الكسل والضياع العلمي.
10 ـ تعلَّم فقه التمكين ووسطية الإسلام:
وقد ألف الدكتور محمد علي الصابوني كتاباً في فقه التمكين في القرآن
الكريم هو في الأصل رسالة جامعية نال بها المؤلف درجة الماجستير لنتعلم منه
أنواع التمكين وشروط التمكين، ومراحل التمكين، وأهداف التمكين، وتحقيق التمكين
ومنه التقدم العلمي في الحياة والتعامل مع سنن الله في الكون وقوانينه.
[U10]ـ تعلُّم وسطية الإسلام:[/u]
أما وسطية الإسلام فقد ألف فيها الدكتور محمد علي الصلابي كتاب وسطية
الإسلام في القرآن الكريم وهو في الأصل رسالة علمية نال عليها درجة الدكتوراه.
ووسطية الإسلام: معناها العدل والخيار والأفضل وهو يشمل كل خصلة محمودة لها
طرفان مذمومان فإن السخاء وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة وسط بين
الجبن والتهور، وأيضاً العلم وسط بين الجهل وإنصاف المتعلمين، والإنسان مأمور
بتجنب كل وصف مذموم كالجهل وإنصاف المتعلمين، وتعلم الوسطية يعلم المسلم ذلك.
-------------------
والله الموفق ..
وجزيـتم خيرا دمتم بحفظه ورعيته تعالى ..